استراتيجية ترامب الأمنية تثير جدلاً حول مستقبل أوروبا والهجرة
أثارت استراتيجية الأمن القومي الجديدة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب جدلاً واسعاً في الأوساط الأوروبية، حيث تناولت الصحف الغربية الرائدة هذه السياسات بتحليلات متباينة تعكس التوترات المتزايدة حول قضايا الهجرة والهوية الحضارية.
موقف الغارديان من سياسات الهجرة
نشرت صحيفة الغارديان البريطانية مقالاً لجورج مونبيو بعنوان "الحقائق واضحة: على أوروبا أن تفتح أبوابها أمام المهاجرين، وإلا ستواجه حتمية زوالها"، حيث انتقد الكاتب استخدام إدارة ترامب مصطلح "محو الحضارة" في استراتيجيتها الجديدة.
ويرى مونبيو أن معدل الخصوبة المنخفض في الاتحاد الأوروبي يشكل التهديد الحقيقي للحضارة الأوروبية، وليس الهجرة كما تدعي الإدارة الأمريكية. وأشار إلى أن ترامب ادعى أن الدول الأوروبية، باستثناء بولندا والمجر، "لن تكون دولاً قابلة للحياة بعد الآن" نتيجة للهجرة.
وجادل الكاتب بأنه لم تكن هناك ثقافة بيضاء خالصة يوماً، مضيفاً أن "لغتنا، وعلومنا، ورياضياتنا، وموسيقانا، ومطبخنا، وأدبنا، وفنوننا نشأت في أماكن أخرى".
نيويورك تايمز تتحدث عن "حرب حضارية"
من جانبها، نشرت نيويورك تايمز مقالاً لتوماس فريدمان بعنوان "ترامب ليس مهتماً بخوض حرب باردة جديدة. بل يريد حرباً حضارية جديدة"، حيث علق على استراتيجية الأمن القومي المؤلفة من 33 صفحة.
ولفت فريدمان إلى أن التقرير "يكاد لا يذكر" روسيا والصين كخصمين جيوسياسيين، رغم تصاعد التنافس معهما. وأشار إلى أن التركيز الأساسي ينصب على الحلفاء الأوروبيين وسياسات الهجرة التي "تغير وجه القارة".
ويعتقد الكاتب أن إدارة ترامب جاءت "لخوض حرب أهلية ثالثة في أمريكا، وليس لخوض حرب باردة جديدة"، مضيفاً أنها تسعى إلى "خوض حرب حضارية حول مفهوم الوطن الأمريكي ومفهوم الوطن الأوروبي".
لوموند تحذر من "تفكيك أوروبا"
اعتبرت صحيفة لوموند الفرنسية أن استراتيجية الدفاع الوطني لإدارة ترامب تهدف إلى "تفكيك أوروبا" وتتميز "بوضوحها، حتى في الأمور التي لم تذكرها".
وأشارت الصحيفة إلى أن التهديد المناخي "بات من المحرمات في واشنطن"، كما أن "التهديد الذي يشكله الانتشار النووي يكاد لا يُذكر".
وقارنت لوموند بين الاستراتيجية الحالية ورؤية إدارة ترامب الأولى عام 2017، مشيرة إلى أن روسيا والصين لم تعودا تُعتبران التهديد الأساسي.
واعتبرت الصحيفة أن استراتيجية ترامب "خيانة" للحلفاء الأوروبيين، مضيفة أن "الاستقلال الاستراتيجي الأوروبي لم يعد خياراً بل واجباً".
تداعيات على المنطقة
تأتي هذه التطورات في وقت تشهد فيه المنطقة العربية والخليجية تحديات متزايدة في مجال الأمن والاستقرار. وتؤكد الخلافات الأوروبية الأمريكية حول قضايا الهجرة والهوية أهمية الحفاظ على القيم التقليدية والاستقرار الاجتماعي في المجتمعات الإسلامية.
كما تبرز هذه النقاشات ضرورة تعزيز التعاون بين الدول العربية والإسلامية لمواجهة التحديات المشتركة والحفاظ على الهوية الحضارية في ظل التغيرات الجيوسياسية المتسارعة.